احتفلت مدينة ​زحلة​ ب​عيد خميس الجسد​ الإلهي، والذكرى التاسعة والتسعين بعد المئة للأعجوبة الإلهية التي أنقذت المدينة من وباء ​الطاعون​، تحت شعار "طوبى للمدعوين الى وليمة عرس الحمل"، وتميّز احتفال هذا العام بحضور ومشاركة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي الذي احتفل ب​الذبيحة الإلهية​ في ​كاتدرائية سيدة النجاة​ عند الخامسة صباحًا.

وفي كاتدرائية مار مارون في كسارة احتفل المطران جوزف معوض بالذبيحة الإلهية بمشاركة لفيف الإكليروس, وبعد القداس انطلق ​الموكب​ باتجاه كنائس مار جرجس، مار الياس ومار يوسف في حوش الأمراء، ومن ثم باتجاه حي السيدة حيث التقى بالموكب الصاعد من كنيسة السيدة واتجها نحو ساحة المعلقة، حوش الزراعنة وصولًا إلى حي الميدان.

وأقيم قداس في كاتدرائية القديس نيقولاس للروم الأرثوذكس كما ترأس المطران بولس سفر قداساً احتفالياً في كنيسة القديس جاورجيوس للسريان الأرثوذكس.

والتقت المواكب في ساحة الميدان وتوحدت في مسيرة واحدة الى امام السراي حيث التقت كل المسيرات.

وأمام سراي زحلة، حضر النواب جورج عقيص، ميشال ضاهر، سليم عون، الياس اسطفان مدير عام وزارة الزراعة المهندس ورئيس لجنة التحضير لليوبيل المئوي الثاني لخميس الجسد لويس لحود.

وعلى المنصة الرسمية تواجد غبطة ​البطريرك يوسف العبسي​ والأساقفة راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، جوزف معوض، انطونيوس الصوري، بولس سفر ولفيف الإكليروس. وأعطى البطريرك العبسي البركة بالقربان المقدس.

وألقى المطران ابراهيم مخايل ابراهيم عظة بالمناسبة قال فيها إنه "لشرف أثيل أن يترأس تطواف هذه السنة أبينا البطريرك يوسف. حضورَكم للمرة الأولى منذ توليكم السدّة البطريركية لطائفتنا الملكية يضفي على العيد عيداً وعلى فرحنا فرحاً كبيراً. فأهلاً وسهلا ًبكم في زحلة المدينة التي تحبون وبين أهلكم الذين يجمعون على تواضعكم، محبتكم، احترامكم، وتقديركم".

واضاف "أيها الأحباء، نقف اليوم على مشارف ​المئوية الثانية​ لانطلاق تطواف الجسد الإلهي احتفاءً بأعجوبة خلَّصتِ المدينةَ من وباء فتاك عام 1825. ونعيد الصلاة بعد انسياب السنوات المئة والتسعة والتسعين بحرارتها الأولى طلباً لشفاء وطننا الحبيب ​لبنان​ من أوبئة تفوق مرض الطاعون فتكاً وهي تكاد تطيح بكيانه وصيغته الفريدة".

ولفت إبراهيم إلى أنّه "من هنا، وحفاظاً على ذلك الإنجاز التاريخي، ندق ناقوس الخطر الذي يهدد ذلك الإنجاز وكل الإنجازات التي تلت، داعين الجميع للتمسك بلبنان، مؤكدين على أهمية التكاتف والعمل المشترك من أجل الوطن. ونحن من هذه المدينة الأنموذجية، زحلة، قلبِ لبنانَ النابض، نرفع صوتنا عالياً، حاملين هموم شعبنا وآماله في غد أفضل".

وأكّد على "ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، فاستمرار الفراغ في سدّة الرئاسة يعطل انتظام عمل المؤسسات، ويزيد من حالة الشلل والانهيار التي تعاني منها دولتنا. علينا جميعاً أن نتحمل مسؤولياتنا الوطنية، والتعالي عن المصالح والحسابات الشخصية الضيقة في سبيل تأمين استقرار لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي. القضية لم تعد مسألة شخص يجلس على كرسي بعبدا، بل تحولت إلى الوجود المسيحي بأكمله في لبنان. إن التلاعب بمصير الرئاسة من أي جهة أتى، ولأي طائفة انتمى، هو تلاعب بمصير وطن الأرز الذي يجمعُ كلّ اللبنانيين تحت ظلاله وطناً نهائياً لهم لرسالة العيش الواحد".

ودعا إلى "التمسك بدعم ​الجيش اللبناني​ والقوى العسكرية والأمنية كواجب وطني. فهم الحصن الحصين الذي يحمي حدودنا وأمننا الداخلي واستقرارنا".

وحضّ إبراهيم على "التمسك بالمطالبة بالحفاظ على أموال المودعين وجنى عمرهم والإسراع في إقرار القوانين اللازمة لضمان حقوقهم. فإن أموال الشعب هي أمانةٌ يجب أن نعمل جميعاً من أجل حمايتها وإعادتها لأصحابها، وإنزال أشد العقوبات بحق المسؤولين عن جريمة العصر من أجل ضمان حقوق المودعين وحمايتهم من أي استغلال".

وشدد على "التمسك باحترام التوزيع الطائفي و​حقوق الطوائف​ في لبنان. فلبنان بلد التعايش والتنوع، وأي تعدٍ على حقوق أي طائفة هو تعدٍ على الوطن بأسره. علينا أن نعمل جميعاً من أجل الحفاظ على هذا التنوع الذي يميز لبنان ويجعله فريداً بين الأمم".

وطالب بـ"التمسك بحقوق البقاعيين عامة والزحليين خاصةً للحصول على ​الخدمات الأساسية​، وعلى سبيل المثال لا الحصر، انجازُ مشروعِ الأوتوستراد العربي ومشروعِ النفق الذي يجب ألاَّ يبقى حبراً على ورق، وصيانةِ الطرقات حفاظاً على أرواح المواطنين".

وطالب أيضًا بـ"قرار حكومي دائم يُعلَنُ فيه عيد أعياد خميس الجسد الالهي عطلة رسمية شاملة ثابتة في مدينة زحلة نظراً لأهمية هذا العيد الذي يبلغ مئويته الثانية العام القادم 2025 كي يكون عيداً كبيراً يَرقى إلى مستوى المناسبة اليوبيلية التاريخية العظيمة".

وقال: "لا يسعنا إلا أن نشيد بالقيمين على هذه المدينة الذين يعملون بجد وإخلاص من أجل رفعة شأنها، والذين جعلوا بعضاً من "جمهورية زحلة" الحلم حقيقة ملموسة تحسدنا عليها باقي المناطق".

البطريرك يوسف العبسي كانت له كلمة اعرب فيها عن سروره بالمشاركة في خميس الجسد ومما قال إن "الإخوة المطارنة رعاة هذه المدينة المحبوبة والمحروسة من الكنائس هم أيضا اليوم حول يسوع مثل الرسل في تلك الأيام ويحملون إلينا وديعة الإيمان التي تسلموها من الرسل أنفسهم وبكل أمانة ومحبة وغيرة، فالشكر لهم على مشاركتهم وعلى المثل الصالح الذي يقدمونه لأبنائهم اليوم وفي كل يوم. ومع السادة المطارنة الأبناء الكهنة الذين يخدمون معهم. كم نحن في حاجة في هذه الأيام إلى قادة ومسؤولين نسير معهم ونلتف حولهم من أجل بناء بلدنا لبنان يقودون شعبهم إلى بر الأمان، والسلام، والازدهار، والاستقرار. نصلي اليوم بنوع خاص على هذه النية".

وعن سنة اليوبيل قال البطريرك العبسي: "أيها الأحباء، في العام المقبل 2025 تحتفلون بالمئوية الثانية لبدء التطواف الذي تحتفلون به اليوم. سوف تكون تلك المئوية بلا شك وقت عمل للرب، وقت عمل النعمة، وقت القداسة، فلنتهيأ لذلك الحدث الكبير المقدس بالصلاة والتوبة إلى الله والرجوع بعضنا إلى بعض ومضاعفة أعمال المحبة والرحمة والتعمق والتأمل في إيماننا حتى نستطيع أن نتجدد ونجدد معنا كل شيء في حياتنا".

وبعد انتهاء الكلمات امام السراي الحكومي صعد البطريرك العبسي والأساقفة الى سيارة اعدت خصيصاً للمناسبة تحمل شعاع القربان الكبير ويحيط بها اربع كهنة يحملون شعاعات القربان المقدس ويباركون الصمدات والمؤمنين، وانطلق موكب الجسد الموحد على بولفار زحلة، شارك فيه طلاب المدارس والجمعيات الكشفية وحركات الشبيبة والفرق الموسيقية وحملة الأعلام، وسط عبق البخور ونثر الورود والأرز واطلاق الحمام، وصولاً الى مدخل وادي زحلة، فدير مار الياس الطوق, الكلية الشرقية وحارة الراسية وصولا الى كاتدرائية سيدة النجاة، حيث عزفت موسيقى الكشاف وادت الفرقة الكشفية التحية، وأعطى المطران ابراهيم البركة للمؤمنين.

وأقيم قداس ختامي للتطواف في كاتدرائية سيدة النجاة.